لم أتخيل يوما أنه سجين قفص لايراه غيره، قضبانه جمر، وأرضه لجين، يكتوي بكل أركانه، ويمنعه كبرياؤه من الصراخ والتأوه، اللهم أنات مكتومة لايكاد يشعر بها إلا الملاصق لقلبه. رآني وهو جالس إلى طاولته بعد أن قضيت لحظات شاخصا أمامه، وهو منهمك فيما يكتب، ولكنه توقف فجأة وكأن كلمة قد تحشرجت في صدره فأبت يده أن يخطها يراعه، رفع إلىَّ عينيه من خلف نظارته فلمحت فيهما دموعا قد تحجرت.