منذ اليوم الأول له في المدينة لم تخلو أوراقه من هذا السؤال لماذا أنا هنا ؟ هنا بالذات .
بين جدران المبنى العتيق المزدحم بالشباب والمثقفين وكبار السياسيين . ومن الحين إلى الآخر تأتي بعض الفتيات والنساء ثم تختفي . لم تقع عيناه على إحداهن , والكل يأتي ويقترب منه مداعباً وهو يجلس دائماً أسفل الصورة الكبيرة " للزعيم " , يرد على المداعبات بالإبتسامة ويتحاور مع الشباب " بنعم " ويستمع للكبار ويعلق " بالضبط " وفي آخر اليوم يعود إلى بيته الصغير وقبل أن يبدل ملابسه يجلس على مكتبه ويخرج دفتر يومياته ويكتب كالمعتاد السؤال الدائم لماذا أنا هنا ؟ هنا بالذات ؟ثم يكتب أسفله التاريخ والوقت والمكان ثم يوقع بإسمه بخط عريض " الطاهر جميل محمود " ويغلق دفتره ويبدل ملابسه وينام دون أن يطفئ المصباح ..الطاهر جميل محمود شاب في نهاية العقد الثالث من عمره , أسمر الوجه يتمتع بجسد رياضي , تميل ملامح وجهه إلى الطفولة , متوسط القامة وإن نظرت إلى وجهه وهو مبتسم تشعر ببراءة الأطفال تضفى على قلبك شيئاً من السعادة , وإن غضب ترى أمامك شيطاناً لا يريد إلا الخراب ولا تنقذك منه كل التعويذات , يعشق الصمت وإن كان كثير الحديث مع نفسه يعشق النساء ولكنه لا يحاول الإقتراب ممن حوله في العمل لكن في الخارج لا يخلو إسبوعه من ليلة حمراء.